القبلة في كندا

 

اختلف بعض المسلمين في كندا، فريق يصلي إلى الشمال الشرقي، وبعض الإخوة يصلي إلى الجنوب الشرقي، فما الصواب؟

بالفعل اختلفت فتاوى العلماء في ذلك، فقال بأن القبلة في هذه المنطقة هي: الجنوب الشرقي؛ كلاً من:

لجنة الفتوى بالأزهر برقم 386 لعام 2015 وفتوى أُخرى لعام 1994 

ويرجح هذا القول أيضاً الشبكة الإسلامية (إسلام ويب) برقم 29240 بعنوان (جهة القبلة لأهل مونتريال بكندا) وغيرهما.

بينما يقول بأن القبلة هي: الشمال الشرقي؛ كلاً من: 

د/ صالح العجيري، ود/ حسين كمال الدين.

وفتاوى الإسلام سؤال وجواب رقم 82398 بعنوان (اتجاه القبلة لمن يقيم في كندا) وغيرهم.

ويمكن الجمع بين القولين:

جاء في الدرر البهية من الفتاوى الكويتية برقم 349 لعام 2017 : "وعلى ذلك ترى الهيئة أنه يجوز لأهل (مونتريال) أن يتجهوا في صلاتهم إلى المشرق، فإذا انحرفوا عن جهة القبلة إلى الشمال قليلًا جاز، وإذا انحرفوا عنها إلى الجنوب قليلًا جاز بحيث لا يبتعدون عن جهة القبلة، والله أعلم."

بل أشارت إلى ذلك إيضاً فتوى الشبكة الإسلامية في الفتوى السابق ذكرها رقم 29240: "وقد ذكر أهل العلم أن من كان في شرق أو غرب القبلة فقبلته ما بين الشمال والجنوب.

وبعد النظر إلى الخريطة نجد أن القبلة بالنسبة لكم في منتريال نحو المشرق مع انحراف بسيط إلى الجنوب، ولا يُراعى في ذلك انحناء الأرض أو كرويتها، فلو اتجهتم ما بين الجنوب والشمال إلى المشرق مع انحراف يسير إلى الجنوب كنتم مستقبلين القبلة، أما الاتجاه إلى الشمال الشرقي ففيه انحراف كبير عن القبلة.

وقد قرر العلماء أن الانحراف اليسير عن جهة الكعبة بحيث لا تزول به المقابلة بالكلية، ويبقى شيء من سطح الوجه واصلاً بالكعبة لا يضر."

وجاء في فتوى الإسلام سؤال وجواب برقم 7535 بعنوان (كيف نحدد جهة القبلة للطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا) ما نصه: "وقد ذكر أهل العلم أن من كان في شرق أو غرب القبلة فقبلته ما بين الشمال والجنوب.

وبعد النظر إلى الخريطة نجد أن القبلة بالنسبة لكم في منتريال نحو المشرق مع انحراف بسيط إلى الجنوب، ولا يُراعى في ذلك انحناء الأرض أو كرويتها، فلو اتجهتم ما بين الجنوب والشمال إلى المشرق مع انحراف يسير إلى الجنوب كنتم مستقبلين القبلة، أما الاتجاه إلى الشمال الشرقي ففيه انحراف كبير عن القبلة.

وقد قرر العلماء أن الانحراف اليسير عن جهة الكعبة بحيث لا تزول به المقابلة بالكلية، ويبقى شيء من سطح الوجه واصلاً بالكعبة لا يضر."

وهذا الكلام يؤيده الأدلة التالية:

1- قال تعالى : ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) البقرة/144.

وشطر المسجد الحرام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : نحوه . وقال البراء : قبله ، وقال ابن زيد : ناحيته وجانبه ، وقال أبو العالية : تلقاءه . ينظر " جامع البيان " للطبري (3/176-177) .

2- لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما بين المشرق والمغرب قبلة) . 

رواه الترمذي , وقال : حديث حسن صحيح .

وأخرجه النسائي معلقاً بعد حديث (2243)، وابن ماجه (1011).

وصححه الألباني في صحيح الترمذي (342).

قال الشيخ ابن باز: يعني بالنسبة إلى أهل الشمال والجنوب، فهكذا أهل الشرق والغرب يقال في حقهم ما بين الجنوب والشمال قبلة.

3- ومما يؤكد ذلك، قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا). 

رواه البخاري (144) ، ومسلم (264) .

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في شرح العمدة: هذا بيان لأن ما سوى التشريق والتغريب، استقبال للقبلة، أو استدبار لها، وهذا خطاب لأهل المدينة ومن كان على سمتهم ... لأن ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ قال عمر: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله، إلا عند البيت …

وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: وبهذا نعرف أن الأمر واسع.

4- وعن عثمان -رضي الله عنه- أنه قال: كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة، ما لم يتحر المشرق عمداً.

قال ابن رجب في (فتح الباري) بعدما ذكر هذا الأثر: "قد اجتمعت الأمة على صحة الصف المستطيل مع البعد عن الكعبة، مع العلم بأنه لا يمكن أن يكون كل واحد منهم مستقبلا لعينها، بحيث أنه لو خرج من وسط وجهه خط مستقيم لوصل إلى الكعبة على الاستقامة، فإن هذا لا يمكن إلا مع التقوس ولو شيئا يسيرا، وكلما كثر البعد، قل هذا التقوس لكن لا بد منه."

5- أن ذلك أحرى إلى توحيد الصف ونبذ الخلاف.

قال ابن قدامة في "المغني" (1/267): " فأما إن كان أحدهما يميل يميناً ويميل الآخر شمالاً مع اتفاقهما في الجهة فلا يختلف المذهب في أن لأحدهما الائتمام بصاحبه، لأن الواجب استقبال الجهة وقد اتفقا عليها"

6- قال الدكتور إسماعيل أحمد علي فُريدة، الأستاذ المساعد بكلية الدراسات التكنولوجية (شعبة المساحة): "المسلمون أول ما هاجروا إلى أمريكا وكندا كانوا يتجهون في صلاتهم إلى الجنوب الشرقي، لكن الاتجاه إلى الشمال الشرقي أقرب وميزة هذا الاتجاه أنه متطابق مع جميع الحسابات المساحية… 

ثم سُئل: هل يمكن اعتبار الجنوب الشرقي بالنسبة لأهل كندا قبلة لهم؟ أجاب: يمكن اعتباره قبلة."

[راجع موسوعة الفتاوى: تحديد اتجاه القبلة في كندا]

فدل كلامه على أن الأمر به سعة.

فنوصي بالعمل على ذلك ، وجمع كلمة المسلمين ، والرفق بهم ، وإعانتهم على الطاعة ، ومن أشرفها : الصلاة مع الجماعة .

ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .